Home » معلومات باللغة العربية

معلومات باللغة العربية

.عباس فاضل هو مخرج وناقد سينمائي وكاتب سيناريو عراقي ولد في مدينة الحلّة, محافظة بابل، العراق

انتقل عندما كان يبلغ من العمر 18عاما إلى فرنسا، حيث استقر منذ ذلك الحين ونال شهاده الدكتوراه من جامعة السوربون في اختصاص السينما بعد دراسته تحت اشراف مخرجين كبار مثل اِريك رومر وجان روش

بعد العمل لسنوات عديده كمحاضر وناقد سينمائي في الصحافه الفرنسيه والعربيه، توجه نحو الإخراج التلفيزيوني ومن ثم السينمائي. في كانون الثاني/ يناير 2002 عاد إلى العراق لتصوير فيلمة الوثائقي “العودة إلى بابل“، والذي يتساءل فيه : “ماذا أصبح اصدقاء طفولتي ؟ كيف تغيرت حياتهم ؟” الحاله الماساويه للبلد هي خلفية هذا التحقيق الذي يستعرض فيه المخرج آثار الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج الثانية والحصار المفروض من جانب الأمم المتحدة

بعد عام، عند وقوع حرب جديدة، عاد عباس فاضل إلى العراق من جديد ليكتشف بلد هزه العنف وغني بكل المحتملات. هذه اللحظة التاريخية هي موضوع فيلمة الوثائقي الثاني الذي سماه “نحن العراقيون” تاكيدا على هويته

في عام 2008 اخرج فيلمة الروائي الطويل “فجر العالم“، دراما جندي عراقي من الناجين من حرب الخليج, والذي صوره في مصرلاستحاله إمكانيه تصويره في العراق بسبب تردي الأوضاع الأمنيه في البلد اّنذاك
في عام 2015 حاز فيلمه الجديد “وطن (العراق السنة صفر)”على جائزة أفضل فيلم في المسابقة الدولية لمهرجان رؤى الواقع

افلام عباس فاضل نالت عده جوائز وشاركت في مهرجانات دوليه في فرنسا وإيطاليا والمانيا وبلجيكا والبرتغال والبرازيل وكوريا الجنوبيه وتونس والمغرب ولبنان والامارات العربيه


افلامه

وطن( العراق سنة صفر) – فيلم وثائقي طويل (خمسة ساعات ونصف), 2015

فيلم على جزئين يتناول فيه الحياة اليومية في العراق قبل وبعد الإحتلال الأميريكي سنة 2003

الجزء الاول بعنوان : قبل السقوط

الجزء الثاني بعنوان : بعد المعركة

جائزة أفضل فيلم في المسابقة الدولية لمهرجان رؤى الواقع 2015

Iraq Year Zero big

العرض الدعائي للفيلم


فجر العالم – فيلم روائي طويل، 2008

موقع الفيلم على فيس بوك

(موقع الفيلم الرسمي (إنجليزية)

(موقع الفيلم الرسمي (فرنسية

L'AUBE DU MONDE

يروي الفيلم قصة “مستور” (وليد أبو المجد) و”زهرة” (حفصية حرزي)، وهما قريبان يسكنان أهوار الجنوب العراقي، وبعد إقامة حفل زفافهما السعيد، تتفجر الأوضاع في العراق إيذاناً بانطلاق حرب الخليج. يتم إرسال “مستور” مع الجيش إلى خط النار، حيث يتلقي بـ “رياض” (كريم صالح) وهو مجنّد من بغداد، وهناك تنشأ بينهما علاقة صداقة قوية. يصاب “مستور” في أرض المعركة، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يطلب من “رياض” أن يعده بالبحث عن “زهرة” والعناية بها. من ناحيتها، فإن مُصاب “زهرة” أكبر من أن تسمح لنفسها بمبادلة “رياض” مشاعر الإعجاب، أما هوفيحاول الفوز بقلبها مما يحوّل هذا الوضع المتأزم إلى مأساة حقيقية تضعه أمام موقف صعب للغاية

الفيلم من بطوله نجمه فرنسا الصاعده حفصية حرزي، المولوده من اب تونسي وام جزائريه، والتي رغم صغر سنها حازت على جوائز التمثيل في مهرجانات فينيسيا، برلين ودبي، اضافه إلى خمسه جوائز في فرنسا. يمثل في الفيلم أيضا الفنانه الفلسطينيه الكبيره هيام عباس التي اكتسبت شهره عالميه من خلال افلامها الأخيره مثل “شجره الليمون” والزائر. البطوله الرجاليه اداها الممثل اللبناني كريم صالح الذي شارك في العديد من الأفلام الغربية، مثل ميونخ للمخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرج. بقيه الادوار قام بها ممثلون عراقيون ومصريون

جوائز

الفيلم حاز على عده جوائز، منها

  2009 جائزه لجنه التحكيم الكبرى في مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف, المغرب

الجائزة الأولى لأفضل فلم روائي طويل في مهرجان الخليج السينمائي، 2009

جائزة الجمهور وجائزة النقاد في مهرجان فيزول الدولي للسينما الآسيوية، 2009

جائزه لجنه التحكيم الكبرى في مهرجان فاميك للسينما العربية, فرنسا, 2009

جائزة أفضل سيناريو, مهرجان بيروت السينمائي الدولي، 2009

الجائزة الكبرى لأفضل كاتب سيناريو، فرنسا

جائزة المركز الوطني للسينما، فرنسا

جائزه أفضل ممثل (كريم صالح) في مهرجان الفيلم العربي في روتردام، 2010


نحن العراقيون – فيلم وثائقي طويل، 2004

(موقع الفيلم (إنجليزية

(موقع الفيلم (فرنسية

Affiche


العودة إلى بابل – فيلم وثائقي طويل، 2002

(موقع الفيلم (إنجليزية

(موقع الفيلم (فرنسية

قبل حرب 2003، يعود المخرج عباس فاضل إلى بغداد، حيث تعيش عائلته، ويبدأ بتصوير ذويه على أمل أن يمنع ذلك عنهم المخاطر التي تهددهم. يعود بعد ذلك إلى فرنسا عند اندلاع الحرب. لا يصله أي خبر من أسرته، فيرجع من جديد إلى العراق، حيث يجد واقعاً مختلفاً، لبلد مزقه العنف, تعمه الفوضى, تحت الاحتلال الأجنبي. اللحظة التاريخية تحمل معها كل الممكنات

Affiche :Retour A Babylone 2002


افلام قصيره

الاشياء في الظل، روائي

يوم الأحد في مقهى الضواحي، وثائقي

عالم المصور ويجي، وثائقي


photoprix (1)

 الجوائز

جائزة أفضل فيلم في المسابقة الدولية لمهرجان رؤى الواقع ,2015 , لفيلم وطن :العراق سنة صفر

جائزه لجنه التحكيم الكبرى في مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف, المغرب، 2009, لفيلم فجر العالم

الجائزة الأولى لأفضل فلم روائي طويل في مهرجان الخليج السينمائي، 2009, لفيلم فجر العالم

جائزة الجمهور وجائزة النقاد في مهرجان فيزول الدولي للسينما الآسيوية، 2009, لفيلم فجر العالم

الجائزة الأولى في مهرجان فاميك للسينما العربية, فرنسا,2009، لفيلم فجر العالم

جائزة أفضل سيناريو, مهرجان بيروت السينمائي الدولي، 2009, لفيلم فجر العالم

الجائزة الكبرى لافضل كاتب سيناريو، فرنسا، لسيناريو فجر العالم

جائزة المركز الوطني الفرنسي للسينما، لسيناريو فجر العالم

جائزة لجنة تحكيم مهرجان السينما الافريقيه والاسيويه واللاتينية، إيطاليا، 2005، لفيلم نحن العراقيون

درع وزاره الثقافة العراقية، 2010

شهاده وزاره الثقافة العراقية الفخريه، 2010


المهرجانات

افلام عباس فاضل شاركت في مهرجانات دوليه وعربيه عديده، منها

مهرجان بوسان السينمائي الدولي، كوريا الجنوبية، 2008

مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف, المغرب، 2009

مهرجان دبي السينمائي الدولي، 2008

مهرجان فيزول الدولي للسينما الآسيوية، فرنسا, 2009

مهرجان الخليج السينمائي، 2009

مهرجان فاميك للسينما العربية, فرنسا, 2009

مهرجان نوافذ على سينما الجنوب، فرنسا، 2009

مهرجان اوبن دوك السينمائي، بلجيكا، 2009

مهرجان الفيلم الفرنسي العربي, عمان ,2009

مهرجان دورو فيلم هارفست، البرتغال، 2009

مهرجان ريو دو جانيروالسينمائي الدولي، البرازيل، 2009

مهرجان بيروت السينمائي الدولي، 2009

مهرجان فيلمد، روما, إيطاليا، 2009

مهرجان الفيلم العربي، الولايات المتحدة الإمريكية ،2009

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ,2009

مهرجان السينما الافريقيه والاسيويه واللاتينية، إيطاليا 2005

أيام قرطاج السينمائية, 2002 و2004


مقابلة مع المخرج عباس فاضل 


هوملاند عباس فاضل: بابل قبل الطوفان

من الفيلم
محمد الخضيري

باريس | الدخول إلى فيلم العراقي عباس فاضل «هوملاند» (2015) ليس كما الخروج منه. هو من طينة الأفلام التي تخترق جدار «الشاشة»، فيصير الشخوص أجزاء من واقع المشاهد لساعات. يسيرون إلى جانبه في الصالة المعتمة، يمزحون معه، يمسكون به، ينبضون حياة، يسخرون من العدو وطائراته التي لن تحلق في سماء بغداد الهادئة، كما يعتقدون… وينتظرون المعركة كالذاهب إلى نزهة جانب النهر يوم الأحد.

يرسم هذا الشريط التسجيلي جدارية لهذه المأساة التي لم يتوقع أحد أثرها على خريطة المنطقة، لكنه ينتصر أيضاً على الموت. يحكي لنا هذه الوجوه السعيدة التي تسير بثقة وعدم اكتراث إلى إحدى أكثر الحروب كارثية في تاريخ البلاد العربية. ربما هذه العودة الدائمة إلى المعارك في تاريخ العراق المعاصر والحصار والعدوان الأميركي المتكرر، جعلت الشعب العراقي لا يلقي بالاً لإرهاصات الحرب وتهديدات إدارة بوش التي سبقت الغزو الأميركي لبغداد عام 2003. داخل البيت العائلي، أو في الشارع، حول مائدة الطعام، أو في ألعاب الصبية وأحاديثهم، تنسج سينما فاضل قصة هؤلاء الذين يقفون على خطوات من حافة البركان.
يمسك فاضل بكل إمكانات «كتابة» السينما التسجيلية ليعيد ترتيب الحكاية في «هوملاند» الذي يتكون من جزءين «قبل السقوط» و«بعد المعركة» اللذين يعرضان حالياً في الصالات الفرنسية. تدق طبول الحرب في عام 2003 بينما يقرر المخرج توجيه كاميراه إلى أفراد العائلة والجيران والأصدقاء. يرصد بدقة التفاصيل التي تحدث داخل البيت العائلي. يختار إذاً الواقع في بعده الحميم، بدل اللجوء إلى صورة المعارك أو التحضيرات العسكرية المنتمية إلى لغة صور الأخبار، بينما الألفة والقرابة مع شخصياته تدفعها إلى التحرر من كل المقاومات التي قد تظهرها الشخصيات عادة خلال تصوير هذا النوع من الأفلام. إنّها من أهم رهانات السينما التسجيلية الراهنة. تجارب كثيرة تقدم في السنوات التي تلت انتفاضات «الربيع العربي»، تخرج التاريخ من بعده «الماكرو» وتكتبه فيلمياً من خلال قصص الأفراد وانخراط تام للمخرج في فيلمه كتجربة حياتية. نظرته الخاصة إلى التاريخ الذي يكتب أمامه، يصير أفقاً يدفع بالأفلام إلى أفق أكثر أصالة وإبداعاً. إنّها كتابة جديدة في السينما التسجيلية العربية تعيد مساءلة حوادث التاريخ الكبرى ونتائجها في حياة الأفراد عبر الأثر لا الذاكرة (التاريخية الصرفة). نقصد بكتابة الأثر هنا، تشييد بنية سردية، تعيش داخل التاريخ، لكنها تبني نظامها الخاص، المبني على ذاتية المخرج، وشخوصه (من أفراد العائلة والأصدقاء)، وترصد التفاصيل الهشة المعرضة للاختفاء.

يدفع عباس فاضل إذاً بهذه الفرصة إلى أقصى إمكانياتها. ويبدو أنّه من السباقين لهذا التوجه في السينما التسجيلية، فمنذ أكثر من عقد، قارب عبر أفلامه قصصاً مرتبطة بتاريخه الشخصي ليجعلها مادته السينمائية كما في «العودة إلى بابل» (2002). يسلط كاميراه على الأحاديث اليومية، والاستعدادات للحرب، ويرسم عبر الأحاديث المتحررة والبريئة قريبه الصبي حيدر، مخيال الحرب، التي ستأتي وتحصد أرواح كثيرين من الأبرياء، منهم حيدر. هذا الطفل الذي يشكل شخصية مركزية في الجزء الأول من الفيلم، قتل برصاصة في الرأس بعد الغزو الأميركي، ما أوقف المشروع برمته. ولم يعد عباس فاضل إلى مادته الفيلمية إلا أكثر من عشر سنوات بعد الحرب، بموافقة من عائلته.
في عيوننا نحن الذين نشاهد الفيلم، نرى ما لا يبدو على الشاشة. نرى خلف هذه الشوارع والمنازل التي تنبض بالحياة مستقبلها: الحيطان المتداعية، والنوافذ المكسرة، والأجساد المسجاة. إننا هنا أمام آثار الأشياء، التي لن تعود… وكما تحفر العائلة بئراً في المنزل للتزود بالماء في حال انقطاعه خلال القصف، وتعد بناتها الخبز المجفف استعداداً لانقطاع المواد الأساسية، تحفر الكاميرا في أصول هذا الشر. نرى مراراً عودة آلة التلفزيون، ومعها القناة الرسمية العراقية التي تروّج لبروباغندا نظام البعث. صدام حسين في وضعية أب الأمة، الذي تنطفئ الشمس من دونه كما تقول إحدى الأغاني، وسأم أفراد العائلة من هذه الخطابات الرنانة والأغاني الحماسية. إنها إيديولوجيا الدولة التي شرّعت أبواب بلاد الرافدين على الموت.
لكن خصوصية «هوملاند»، هي أنّ خطابه، يَنْفُذ عبر سرديته وصوره، لا عبر تقنيات تقليدية اعتادها بعض المخرجين من قبيل التعليق. «هوملاند» فيلم بلا تعليق… بل يحمل حكاية، وكتابة دراماتورجية تنتمي إلى السينما التسجيلية لا تخطئها العين. نرى الأطفال يلعبون لعبة الحرب، بينما المراهقات يتحدثن عن الزواج، في حين يطمح المسرحي إلى بناء مسرحه الشخصي، ويزوّج ابنته، والقرى تحفظ المعمار القديم لمهد الحضارات. كل هذه القصص تصير مسرح الاستعداد لحرب اعتقدها كثيرون مجرد وعيد لن يتحقق.
كتابة «هوملاند» تحترم شخصياتها. يمارس المخرج نوعاً من «الحياء» والاحترام لهؤلاء الذين يصوّرهم. يحفظ لحظات السعادة والضحك التي تجعل شخصياته أبطالاً حقيقيين للواقع. هم ينقادون إلى المأساة بشجاعة ونوع من القدرية، وفي هذا نوع من البطولة. إنه فيلم يراوح بين مشاهد تسرق الابتسامة وأخرى تعصر القلب.
تقنياً، اعتمد المخرج على إعادة منتجة بعض أرشيف أفلامه السابقة، وأكثر من 120 ساعة من الصور الخام، ويمتد الفيلم بجزءيه على مدة تقارب ست ساعات. لم يخرج فاضل الفيلم فقط، بل عمد إلى منتجته، ما يعدّ مغامرة غير سهلة بتاتاً. إنه توقيع مضاعف للفيلم، الذي يجد دون شك، مكانه بين أهم الإنتاجات في السينما التسجيلية العالمية لهذا العام. وهذا ما دفع إلى ترشيحه للعديد من الجوائز في مهرجانات مرموقة.

ادب وفنون
العدد ٢٨٣١ الاثنين ٧ آذار ٢٠١٦


السينما الواقعية تشخّص أوجاع المجتمعات العربية

لقطة من فيلم "الوطن...العراق سنة صفر" للمخرج عبّاس فاضل، الذي فاز بجائزة سيستيرس الذهبية في الدورة 46 لمهرجان السينما الواقعية التي انتظمت في مدينة نيون Nyon من 17 إلى 25 أبريل 2015. (visions du réel)

بمنحه جائزة سيستيرس الذهبية في المسابقة الدولية للأفلام الطويلة للفيلم العراقي “وطن… العراق سنة صفر” للمخرج عبّاس فاضل، أسدل مهرجان السينما الواقعية بنيون يوم السبت 25 أبريل 2015 الستار على فعاليات دورته السادسة والأربعين التي كانت استثنائية على كل المستويات، وسجّلت خلالها السينما العربية حضورا لافتا وقويا

وبفضل الحضور القياسي الذي تجاوز هذا العام 35.000 مشاهد، والأعمال التي عرضت لأوّل مرّة على الساحة الدولية وفاقت 113 فيلما، يؤكّد هذا المهرجان “ريادته على الساحتيْن السويسرية والدولية”، وفقا لرئيسه كلود روياي.

لقد لاقت الجودة الفنية التي ميّزت الأفلام المائة والستيَن المشاركة في دورة هذا العام الإشادة والتنويه من طرف النقاد وأعضاء لجان التحكيم على السواء. وأشار المدير الفنّي للمهرجان لوشانو باريزوناي إلى أنه “من بين 54 بلدا المشاركة في هذه الدورة، يوجد تمثيل للقارات الخمس في الأعمال الفائزة بجوائز مما يدلّ على حيوية الإنتاج السينمائي الوثائقي في جميع أنحاء العالم”

الحياة زمن الحروب

جائزة سيستيرس الذهبية للمسابقة الدولية للأفلام الطويلة والتي تموّلها مؤسسة البريد السويسري والبالغ قيمتها 20.000 فرنك كانت هذا العام من نصيب المخرج العراقي عبّاس فاضل لفيلمه “وطن… العراق سنة صفر“، وهو عمل قلّ نظيره يمتدّ عرضه على مدى ستّ ساعات كاملة، ويرصد حياة عائلة عراقية قبل الغزو الامريكي للعراق سنة 2003 وبعده

ويستغرب المدير الفنّي لمهرجان نيون، كيف أفلت هذا العمل السينمائي المتقن الحبكة والإخراج من رصد رادارات المهرجانات الدولية الأخرى، ويقول: “من بين 3700 عمل قمنا باستعراضه خلال السنة الجارية، كان هذا الفيلم، أوّل الأعمال التي شدّت انتباهي. وكان الفيلم الأوّل الذي وقع الإختيار عليه في عرضه الدولي الاوّل بمهرجان “الرؤى الواقعية”

ويضيف لوشانو باريزوناي متحدثا عن عمل المخرج فاضل عبّاس فيقول: “إنه فيلم مواساة، يحاول مداواة الجروح الغائرة، ويصلح أن يكون مرجعا لفهم ماضي منطقة الشرق الأوسط وحاضرها. وإضافة إلى أنه فيلم جيّد، هو فيلم ضروري. كان لابدّ أن ينجز، ولابد أن يُشاهد”

“وطن.. العراق سنة صفر”

 في عمله السينمائي “وطن… العراق سنة صفر”، الذي حاز على اشعاع عالمي، يروي المخرج عبّاس فاضل عاميْن من حياة أسرة في العراق قبل وبعد الغزو الأمريكي عام 2003

الفيلم الطويل جدا (ستّ ساعات بالتمام والكمال) يعرض مشاهد بسيطة ولكن متناهية الروعة والجمالية من الإيقاع اليومي لحياة هذه العائلة. أشقاء وشقيقات في علاقة حميمية يضحكون وهم يشاهدون شريطا هزليا لـ “مستر بين”، عبر شاشة التلفزيون. أعمام، وجيران، وأصدقاء، يشربون الشاي، ويقصّون القصص، ويتذكّرون حادثة مضحكة في المسجد، أو قصة الطبيبة التي تحلب عنزتها لإطعام طفلها

يستمر الهزل ويتواصل في حين تتدهور الأوضاع، وبين نهريْ دجلة والفرات، تمرّ أسراب الطيور لتعلن قدوم الأخطار. وتوضع الفرش لغلق النوافذ لرد الهجمات المحتملة. ويتمّ حفر آبار بالحدائق للوصول إلى المياه الجوفية استعدادا لإنقطاع مياه الشرب. ويقول أحد الأطفال مازحا: “أتمنّى ألا يلجأ الأمريكيون لإستعمال أسلحة الدمار الشامل”، وتبدأ المراوحة بين الفكاهة والخوف

لم يشاهد الجمهور الغربي من الحرب الامريكية على العراق سوى بعض الصور لشماريخ متعددة الألوان، ثمّ بعض المركبات المصفّحة تجوب الصحراء، وظلال أشخاص من بعيد. فيلم “الوطن…العراق سنة صفر”، هو إذن ردّ قوي على الدعاية الامريكية: سماواتٌ حبلى مثل ألف ليلة وليلة، وحدائق مورقة، وأشخاص هم أشقاء المخرج وشركاؤه في الإنسانية يغادرهم فجأة عندما يتوقّف تصوير الفيلم. ومثلما قال أحد أعضاء لجنة التحكيم :هذا الفيلم لا يمكن إلا أن يفوز بجائزة

 

لقرائة المقال بأكمله الرجاء الضغط هنا

swi_logo_medium_footer


وطن (العراق سنة صفر)” يحصد الجائزة الذهبية لمهرجان رؤى الواقع بسويسرا”

نشر في  26 أفريل 2015

حصد فيلم “وطن.. العراق سنة صفر” للمخرج العراقي عباس فاضل الجائزة الذهبية للدورة 46 لمهرجان “رؤى الواقع” للسينما الوثائقية وذلك بمدينة نيون السويسرية.

فيلم “وطن.. العراق سنة صفر” من النوع الوثائقي يدوم خمس ساعات ونصف ويتناول الحياة اليومية في العراق قبل وبعد الإحتلال الأميريكي سنة 2003.

 لقراءة المقال بأكمله الرجاء الضغط هنا 

logo4

 ____________________________________________________________________

برنامج رسائل سينما حول فيلم فجر العالم

.

 


المخرج العراقي عباس فاضل وابداع في الغربة

الحوار المتمدن .2013 / 11 / 10 بروين زين العابدين – الحوار المتمدن

Abbas Fahdel à Stockholm, septembre 2013 عباس فاضل في ستوكهولم 2013

Abbas Fahdel à Stockholm, septembre 2013
عباس فاضل في ستوكهولم 2013

لا يهدأ للعراقي بال إلا حين يثبت تفوقه أينما حل وكيفما ارتحل ، لأن الابداع هو طبع أصيل من طبائع الإنسان العراقي . ولطالما جادت هذه الأرض المعطاء بأناساً أثبتوا للشرق والغرب تفوقهم في شتى مجالات الحياة . ، فهو العراق معقل الألق وسحر الابداع والعلامة المتميزه في سفر التحضر والتطور قبل أصقاع كثيرة من الأرض التي كانت ترزح تحت وطأة الجهل والتخلف ، فلا عجبا أن يحمل الهامها كل من يعيش على هذه الأرض و يتنفس من هوائها وعبير شطآنها ، كلنا ندرك ان هناك رابط أزلي يربط بين الإبداع و هذه الأرض على مر العصور

. عباس فاضل ، مخرج عراقي يقيم الآن في باريس ، حاصل على شهادة الدكتوراه في السينما من جامعة سوربون (sorbnne) . كان قد خرج من العراق و عمره ١-;-٨-;- سنة ، و عمل صحفياً وناقداً في السينما الفرنسية . نشر كتاباً تحيليا عن أعمال المخرج الألماني (Wim Wenders) ، فاز فلمه الروائي الطويل (فجر اليوم) بالمرتبة الأولى في مهرجان الفلم العراقي الاول الذي أقيم في العاصمة السويدية ستوكهولم. وتحت شعار : من (جعفر علي الى برغمان)لنبدع معا. الذي اقيم على قاعة ميدبوريا سكولان بتاريخ ٢-;-٥-;- – ٢-;-٧-;-من اكتوبر ٢-;-٠-;-١-;-٣-;- .. وبحضور الوزير المفوض في السفارة العراقية في السويد الدكتور حكمت جبو والسيد سمير مزبان رئيس جمعية المصورين العراقيين وجمع كبير من الفنانين والناشطين السويدين والعراقين كان عدد الأفلام حوالي ٦-;-٠-;- فلما تم اختيار ٢-;-٥-;- فيلم من بينها للعرض .النهائي للفوز بجوائز المهرجان

يقول عباس فاضل : كرست عملي كمخرج سينمائي وتلفزيوني وأخرجت الكثير من الاعمال التلفزيونية والسينمائية ومنها (العودة بابل ) و (نحن العراقيون) والفلم الروائي الذي فاز من قبل لجنة التحكيم في هذا المهرجان ( فجر اليوم ) وفلم جديد انتهيت من مونتاجه وعنوانه ( الوطن ) وفلم اخر ( العراق عام الصفر) ، في خضم انشغاله بالحوارات والاسئلة من الجمهور الحاضر الذي اعجب بفيلمه الفائز تسنى لي ان احاوره بضع دقائق حيث قلت له

 ما هو شعورك وانت الفائز الاول في هذا المهرجان؟
عباس فاضل : الفلم فاز بجوائز عديدة وفي مهرجانات عربية وعالمية ولكن لهذه الجائزة قيمة ومكانة خاصة في نفسي لأنني اعتبرها تكريم من أهلي حيث انها اول جائزة عراقية أحظى بها

ما هي الصعوبات التي واجهتك عند إنجاز هذا الفلم وتصويره وايجاد البيئة الملائمة له ؟
عباس فاضل : كان من المفروض أن يصور الفلم في العراق وفي منطقة الأهوار تحديداً ، ولعدم امكانية تصوير الفلم في العراق لأسباب أمنية اولا وثانيا لجفاف الأهوار وعدم وجود الحياة الفعلية فيها كالسابق ، فلذلك اضطررت للبحث عن بديل للتصوير وكان لي خيارين : أحدهما المغرب والثاني ايران . ولم افلح في البلدين إذ لم أعثر في المغرب على بيئة مشابهة لبيئة الأهوار وفي ايران أيضاً هناك صعوبات الرقابة والتدخل في مضمون الفلم لذلك اضطررت للبحث عن بلد اخر والذي كان (مصر) ، إذ رأيت منطقة مشابهة لحد ما لأهوار العراق ، فعملت على خلق بيئة مشابهة وبدأنا بالعمل والتصوير هناك أيضاً ، وواجهت صعوبات ومعوقات ولكن مع ذلك نجح الفلم وانا سعيد لانه أخذ المركز الاول

كنت اود ان استرسل بحواري معه للتعرف عليه عن قرب .. لكن رغبة الحضورمن النقاد والجمهور باخذ حصتهم من التحدث اليه .. سبقتني في ذلك لذلك تمنيت له كل الموفقية والنجاح في اعماله القادمة ليشكل اضافة حقيقية لتاريخ السينما العراقية المتميزة

Le réalisateur Abbas Fahdel reçoit le Sesterce d'Or du meilleur long métrage au festival Visions Du Reel, à Nyon, en Suisse, le 24 avril 2015. المخرج عباس فاضل يستلم الجائزة الذهبية عن فئة الأفلام الطويلة في مهرجان رؤى الواقع في سويسرا 2015

المخرج عباس فاضل يستلم الجائزة الذهبية عن فئة الأفلام الطويلة في مهرجان رؤى الواقع في سويسرا 2015 


البعد الرابع

السينما العراقيه تتألق في العاصمه السويديه ستوكهولم.

ناظم رشيد السعدي

البعد الرابع الجمعة 25-10-2013

كان موعدا خاصا للفرح العراقي في العاصمة السويدية ستوكهولم حي احتضنت شاشة العرض في( اودن بلان) عروض لنخبة من المبدعين الشباب والرواد الذين شاركوا باعمالهم وافلامهم في مهرجان الفيلم العراقي الاول .. حيث قدم جميع المشاركين افلام متميزة رغم الامكانيات البسيطة التي توفرت لهم . ابدعوا في وصف المشهد العراقي في المرحلة الحالية والماضية من خلال افكار اختصرت اوجاع وارهاصات المجتمع العراقي بمنتهى الصدق فاستمتع الجميع بهذا اللقاء الانساني الكبير .. مدير المهرجان الاستاذ سلام قاسم تحدث لبانوراما عن المهرجان قائلا هذا المهرجان الذي نقيمه ( تحت شعار من جعفر علي الى برغمان لنبدع معا ) بجهود جمعية المصورين العراقيين في ستوكهولم بالتعاون مع مدبورية سكولن ووزارة الثقافة حيث استلمت اللجنة المنظمة للمهرجان ٧٨ فلما روائيا وتسجيليا ، عرضت هذه الأفلام على اللجنة التحكيمية وتم اختيار ٣٠ فلما منها لتعرض في المهرجان تنافست الافلام للحصول على الجوائز ،وعددها (20) جائزة ستقدم للافلام المتميزة موضوعا واخراجا واردف تم التحضير للمهرجان منذ 6 اشهر حيث وجهنا الدعوات لجميع الاخوة المبدعين من الفنانين الرواد والشباب فكانت هذه الافلام الرائعة التي تشاهدونها الان هي حصيلة اختيار وفرز من بين مجموعة كبيرة ارسلت الينا للمشاركة وبالتاكيد كل الافلام التي تحاكي واقع المجتمع العراقي هي متميزة لانها تعكس الحقيقة كما هي واكد لنا ان العام المقبل سيشهد مشاركة اوسع واكبر للافلام العراقية من اجل احتضان الطاقات الخلاقة في هذا المجال وقدم شكره وامتنانه لمواكبتنا كل الاحداث المهمة في الوطن وارجاء العالم وقال ان حضورنا هذا المهرجان اضافة مشرفة وكبيرة نستقبلها بكل الحب والامتنان .. بداية المهرجان الذي افتتحه الدكتور حكمت داود جبو الوزير المفوض في سفارة جمهورية العراق في مملكة السويد كانت من خلال افتتاح معرضا للصور الفوتوغرافية لمدينة بغداد بعنوان(بغداد الماضي والحاضر) والذي ضم 50 صورة حيث القى الدكتور جبو كلمه قصيرة بالمناسبة اشاد فيها بجهود القائمين على المهرجان واثر السينما في ابراز معالم وتاريخ الشعوب واهمية مثل هذه الفعاليات في لم شمل الجالية العراقية وكذلك تقديم الفن العراقي بما يليق به امام المجتمع السويدي وبعد ان عزف النشيد الوطني العراقي والذي ردد معه ابناء العراق قسم المحبة والولاء لوطننا الواحد الذي يحتوي كل ابنائه بمحبة وكبرياء وحنين .. القى السيد سلام قاسم مدير المهرجان كلمة ترحيبية بالحضور وكذلك السيد سمير مزبان رئيس جمعية المصورين العراقيين في ستوكهولم وبعده السيدة هيلين رايس مديرة مدرسة مدبورية سكولان اعلن بعد ذلك عن افتتاح المهرجان بالفلم الاول الذي كان بعنوان ( هنا بغداد) للمخرج سلام قاسم وتوالت افلام اليوم الاول من المهرجان والذي سيستمر لثلاثة ايام حيث تمتع الجمهور الحاضر بمشاهدة الافلام ( مشرق الشمس) اخراج احمد عباس ( حالة رقم ) اخراج حسين كولي ( هو) اخراج سجى باسم ( رداء الاموات) اخراج ياسر كاطع ( زهرة) اخراج حسين تاج في فترة الاستراحة بين العروض التقينا نخبة من الجمهور الحاضر وكانت هذه ارائهم …الدكتور عماد زبير .. الخطاط والرياضي والشخصية المتميزة في اوساط الجالية العراقية .. ان هذا النشاط يقدم نتاجات قيمة تستحق المشاهدة وحضور هذا الجمهور بالتاكيد يمنح العروض رونقا خاصا الاستاذ سلام الخالدي استاذ الادب الانكليزي اكد ان للسينما علاقة حميمة مع الانسان العراقي فلطالمنا تجمعنا في عروض متميزة في الحقب الماضية من تاريخنا في الوطن فشكرا لهذه الجهود القيمة السيد رغدان الخزعلي عضو اللجنة التحضيرية للمهرجان كان فعلا وجه مشرف للمحبة العراقية حيث حرص على استقبال الجميع بروحية العراقي النبيل وكان مع صحيفتنا في كل مكان يقدم لنا المعلومات والتفاصيل بمنتهى الحميمية بعد الاستراحة كان موعد العرض الاخير لليوم الاول حيث عرض الفلم الروائي الطويل فجر العالم اخراج عباس فاضل والذي كان متميزا في اخراجه وموضوعه ويعكس امكانيات مخرجه ولمساته المتالقة في تصوير احداث الفلم…. كان يوم من السعادة حملنا بعيدا فحلقت ارواحنا حمائم سلام ومحبة لتراب الوطن الذي يعيش في اعماقنا مهما كبرت وامتدت مسافات الغربة قدم من خلاله الجميع ابداعتهم وافكارهم بما يحاكي الواقع العراقي الذي نتمنى ان يرتقي للافضل دائما لتعود هذه الطيور المهاجرة تبنيه وتنثر في ارجائه زهور الامان والمحبة .. كل تقديرنا لجهود لجنة التحكيم المؤلفة من الدكتور فواد الطائي والدكتور محمد الكحط والفنان علاء مجيد وحيدر الفتلاوي اضافة الى السيد سلام قاسم


 

عباس فاضل لـ”العالم الجديد”: الرحالة ثيسيغر دفعني لإخراج فلم عالمي عن الأهوار

Abbas Fahdel عباس فاضل

Abbas Fahdel عباس فاضل

حاوره جمال الخرسان
الثلاثاء 6 آب 2013
 

عباس فاضل مخرج عراقي من مواليد الحلة، درس في العراق وانتقل إلى فرنسا بعمر الثامنة عشر، أكمل دراسته هناك وحصل على الدكتوراه من جامعة السوربون في مجال السينما. أخرج العديد من الأفلام منها: “العودة إلى بابل”، “نحن العراقيون”، “فجر العالم”، وهو الفلم الذي يتحدث عن الأهوار، حصل على الكثير من الجوائز الدولية عن فلم “فجر العالم” وعن تجاربه السينمائية الأخرى.

وللاقتراب أكثر من تجربة عباس فاضل في فلمه عن الأهوار، التقته “العالم الجديد”

لماذا هذه التسمية؟ “فجر العالم” إلى ماذا ترمز؟

العنوان يحتوي على رمزية، فلكل مشاهد تفسير خاص، لكن بشكل عام السبب الأساسي هو أن هذه المنطقة هي مهد الحضارات، كما أن جنة عدن هي في الأهوار، في بلاد ما بين النهرين وفقا للمؤرخين، وحتى بعض الكتب الدينية المقدسة، ترى أن الخليقة حينما بدأت كانت ماءً وقصبا ثم جزرا ثم قارات، وهكذا نشأت وتكونت الحضارات. هذا هو التفسير التاريخي والفلسفي لبداية الخلق. وفيه نوع من الأمل للعراقيين، بأن البذرة الحضارية موجودة في العراق. قد مرّ على هذا البلد الكثير من المآسي والانتكاسات التاريخية في فترات المغول وغيرها من الفترات التاريخية المظلمة ولكن في كل مرة يعود العراق معافى بسبب هذه البذرات التاريخية التي تبعث فيه الروح من جديد. هناك دوّنت ملحمة كلكامش وأسطورة الفيضان، وهناك الكثير من النصوص القديمة جدا.. هناك ولدت الكثير من العلوم

كيف خطرت لك فكرة الفلم؟

فكرة الفلم بالأساس تولّدت عندي حينما قرأت كتابا هنا في فرنسا للرحالة الانكليزي ولفريد ثيسيغر، الكتاب هو “عرب الأهوار”، هذا الرجل قدّم لي الأهوار بطريقة جعلتني أنبهر بها، يدوّن مشاهداته حينما ذهب إلى هناك في الخمسينات من القرن الماضي وعاش تفاصيل الحياة هناك، انه قدم الأهوار بشكل رائع فيما كان ينظر لها معظم العراقيين بشيء من التعالي، وبنظرة طبقية غير منصفة. انه خلّد الأهوار بشكل رائع

“فجر العالم” فلم روائي أخرج بدافع من ثيسيغر.. الملفت أن هذا الرجل حتى بعد مماته يؤثر ويخدم هذه الرقعة الجغرافية، كيف ترى ذلك؟

الرحالة يلتفتون لكثير من التفاصيل ويعيرونها أهمية ربما نحن نتجاوزها ولا نلتفت لها

قدمت قبل “فجر العالم” أفلاما وثائقية عديدة لماذا اخترت للأهوار النمط الروائي، وليس الوثائقي..؟

لأن الفلم يتحدث عن واقع سكاني ومنطقة دمّرت وانتهت تقريبا، الفلم يتحدث عن أحداث حصلت في حرب الخليج الثانية وما رافقها من تدمير للأهوار، وبما أن الفلم يتحدث عن أحداث قديمة من هنا لابد لي أن اختار الأسلوب الروائي وليس الوثائقي، إضافة لسبب آخر وهو أني أحرص على التنويع في ما أقدمه من أفلام مرة وثائقي وأخرى روائي وهكذا

لماذا لم تختر الجانب الإيراني، فهناك أهوار ملاصقة للحدود العراقية وجزء منها في إيران والبيئة تكاد تكون مشابهة؟

بداية كنت أرغب بتصوير الفلم في العراق، لكن تمويل الفلم كان أوروبيا 100 بالمائة، ومن شروط التمويل أن يكون العدد الأكبر من الكوادر هم من بلدان أوروبية، وكانت فترة الإعداد للفلم وفترة التصوير هي ذروة التدهور الأمني في العراق، كان ذلك في الفترة بين 2004- 2007 من هنا استحال التصوير في العراق، لذلك بحثت عن بديل وكان البديل المناسب هو منطقة جنوب إيران، فهناك أهوار ملاصقة للعراق وهي جزء من الأهوار العراقية الشرقية، لكنها داخل الحدود الإيرانية، ذهبت الى إيران وقضيت هناك ثلاثة أسابيع في الأهوار من الجانب الإيراني، وكنت أعدّ العدة للتصوير قرابة سنة كاملة، وهيّأنا كل شيء، خصوصا وأن الإيرانيين يمتلكون صناعة سينمائية متطورة، لكن الرقابة الدينية المفروضة في إيران، وخصوصا مسألة الحجاب المفروض على الممثلات، مع وجود مشاهد لابد أن تصوّر دون حجاب، إضافة الى أسباب أخرى خاصة. من هنا كان البديل الآخر الأنسب هو مصر

الفلم صوّر في مصر كيف استطعت التغلب على تفاصيل البيئة المختلفة، خصوصا وأنك لم تعش في الأهوار، وربما بعيد عن تلك المناطق؟

استعنا كثيرا بالتفاصيل التي ذكرها ثيسيغر، والصور التي التقطها، فهو مصوّر محترف، في غرفة الإعداد كنا قد ألصقنا الكثير من الصور على الجدران من أجل أن تبقى التفاصيل قريبة منا، لذلك كان الديكور جيد جيدا. وكانت المشكلة الأساسية في لهجة الممثلين، لان الاشتراطات التي فرضها التمويل بأن تكون معظم الكوادر أوروبية أو من حملة الجوازات الأوروبية أجبرنا على الاستعانة ببعض الممثلين العرب من لبنان، فلسطين، وشمال إفريقيا من حملة الجنسيات الأوروبية. وحتى هذه المشكلة ليست عائقا لأني قللت الحوارات في الفلم، وركّزت كثيرا على الفكرة، حاولت أن أطرحها بنظرة تجريدية بعض الشيء، بحيث يمكن أن يكون العمل قريبا معبرا عن الكثير من قضايا أخرى مشابهة في أميركا الجنوبية وفي أماكن أخرى من العالم. أيضا لابد من التذكير بأن الكثير من التجارب السينمائية في الغرب طرحت من خلال ممثلين من غير البلد المعني، المهم في الموضوع هو الفكرة الأساسية بغض النظر عمن يطرحها. المخرج الايطالي “فلّيني” اختار الكثير من الممثلين الأميركان لأفلامه رغم أنه إيطالي. “يوسف شاهين” كان يختار ممثلين من غير المصريين. المخرج السويدي “بريغمان” اختار الممثلة النرويجية “ليف أولمان” للتمثيل في قرابة 20 فلما، بينما هي ليست سويدية، والسويديون يعرفون أنها تتكلم السويدي بلهجة نرويجية، لكن ليس ذلك المهم، المهم هو الأداء بالدرجة الأولى. وبشكل عام لو توفرت الظروف المناسبة جدا كان بالإمكان الاستعانة ببعض الممثلين العراقيين، لكن الصعوبات حالت دون ذلك

بعضهم يعتبر أن ما قدمته في هذا الفلم من دلالات رمزية هو نفس طوباوي جدا في ظل واقع الأهوار البائس؟

نحن نتحدث عن منطقة فيها مهد الحضارات لذلك لم أحمّلها أكثر مما تحتمل، فهناك جنة عدن كما يقول المؤرخون، هناك دجلة والفرات والحضارات الأخرى الملاصقة لسومر، لم أتحدث اعتباطا. لكن الشيء الذي يمثل فارقا بين الفلم الذي أنتجته وقدمته عن الأهوار وبين بعض ما شاهدته في الأهوار، الفارق هو الإهمال المتعمد في الأهوار والغياب شبه التام للخدمات وغياب الاهتمام بالبيئة، بحيث يظهرها بمظهر لائق، نعم هذه تمثّل فارقا بينما أردت تقديمه من خلال الفلم وما عرفته عن الأهوار فيما سبق، وبين حال الأهوار حاليا. أسميت القرية في الفلم باسم قرية “حفيظ”، والاسم مقتبس من كتاب ثيسيغر، حينما يتحدث عن أسطورة حفيظ، أما نهاية الفلم، فهو مشهد للبطل والبطلة وترتفع الكاميرا، ليبقى الاستنتاج مفتوحا وفيه أيضا إشارة إلى أن آدم وحواء يمكن أن يعيدوا الحياة من جديد

هل هناك إدانة في هذا الفلم أو يحمل أي توجّه؟

الفلم بالنتيجة يحمّل النظام المستبد الكثير مما لاقته الأهوار، وفيه إشارات أيضا للجانب الأميركي، لكن لا توجد إدانة صارخة لأحد، لأن الفلم ليس سياسيا بالدرجة الأولى

هناك خلطة فنية ملفتة في هذا الفلم خصوصا في الموسيقى والغناء.. المؤلف الموسيقي ألماني والمغنية فلسطينية، ما الهدف منها؟

أردت بذلك شيئا من التغيير والابتعاد عن الموسيقى الشرقية هذه المرة، لقد عرض الفلم في بلدان عديدة لم يتساءل أحد عن ذلك إلا العراقيون، أتفهم ذلك. مؤلف الموسيقى هو أكبر موسيقار ألماني، في البداية أعد لي موسيقى بطابع شرقي، لكني رفضت لأني أردتها أن تكون مختلفة عما ورد في الأفلام السابقة. والمغنية هي مغنية فلسطينية قريبة من العراق، وهي “ريم بنا”. وهناك تفاصيل حرصت عليها كي يكون للفلم أيضا بعد عالمي، ونموذج للكثير من القضايا، فهو مثلا ينطبق على بعض ملامحه من فلسطين، ولذلك أحبه الفلسطينيون كثيرا. من هنا جاءت بعض التفاصيل مختلفة


 فجر العالم- خطوة سينمائية جريئة لاستنطاق واقع عراقي اخرس طافٍ على الماء

محيي المسعودي

تكمن قيمة فيلم “فجر العالم” في موضوعته تلك الموضوعة التي تتناول تاريخ اجتماعي سياسي عراقي اخرس , لم يُستنطق طوال عقود خلت . انسان الجنوب العراقي مهمل ابدا على عكس ثرواته التي لقيت الاهتمام الاكبر من السياسة العراقية والعالمية . حتى الدراما العراقية كانت ولا زالت تتناول حياة الجنوبيين من اجل الكوميديا الساذجة التي تاتي دائما على حساب قضايا هامة يعيشها ذلك الانسان . وهنا جاء الفيلم كخطوة جريئة من عباس فاضل لانه كشف لغير العراقيين شيئا ولو بسيطا من حياة وبيئة سكان “الجبايش” تلك القرى العائمة على مسطحات مائية تسمى الاهوار . الاهوار التي تحكي اساطيرها بداية الخليقة في اسفار سومر.
ترك المخرج في فيلمه اشارات ورموز عن تلك الاساطير مثل المساحات المائية الصامتة التي ترمز الى بديات الخليقة في الاساطير السومرية والى الالهة “تيامت” الهة العماء وكذلك ترك رمز للطوفان السومري بنجاة القليل من سكان الاهوار من ابادة نظام صدام حسين لهم بعد ان جفف الاهوار . والتجفيف اشارة الى محاربة الحياة التي يرمز لها الماء , هذا اذا علمنا ان ابناء الجنوب العراقي يطلق عليهم لقب ابناء الماء كما يصفهم الشاعر الجنوبي المعاصر مسلم الطعان. والجبايش مجمعات سكنية عائمة على الماء ياكل سكّنها من الماء ويتنقلوا فوق الماء ويناموا على الماء ويصحو على الماء و”الجبايش” معزولة عن العالم , لها طقوسها وعاداتها الخاصة وتاريخها وتقاليدها التي تنطوي على اسرار موغلة في القدم, الى الان لم يُكشف النقاب عنها, ولم تستطع سلطة سياسية او عسكرية اخضاع هذه المجمعات لسيطرتها خاصة وان الاهوار مفتوحة على ايران , حتى صدام بكل جبروته لم يستطع السيطرة على سكان هذه المناطق الى ان جفف الاهوار التي يمتد تاريخها المكتوب عشرات القرون وكان التجفيف كارثة بيئية لم يشهدها العالم طوال تاريخه كما وصفتها الامم المتحدة.
من هنا اخذ الفيلم “فجر العالم” اهميته وربما حتى تسميته . لم تكن حبكة الفليم شيئا غريبا على العراقيين خاصة وان الفيلم يتحدث عن حكاية لا يخلوا مكان عراقي واحد منها وهي قصة تقع في زمن محدود هو حرب الخليج الاولى والثانية اللتين لم تزل احداثهن واضحة في ذاكرة العراقيين. وتدور احداث الفيلم حول علاقة قصة حب بين الشاب مستور وابنة عمه زهرة في منطقة الاهوار جنوبي العراق. تتطور هذه العلاقة بين حربي الخليج الأولى والثانية إلى أن يتزوجا مع بداية حرب الخليج الثانية، تماما في الوقت الذي يُستدعى فيه مستور الى الالتحاق بالجيش، ثم يترك موت مستور أثناء الحرب، فراغا وجرحا عميقا في قلب زهرة. مثلها مثل آلاف العراقيات انذك. وفي نهاية الفيلم لا ينجو إلا أربعة أشخاص فقط هم طفل يتيم، وأم مستور، وأرملته زهرة، ورياض – الجندي البغدادي الذي تعرف عليه مستور أثناء الحرب- وأودعه وصيته قبل أن يموت بان يهتم بزوجته زهرة ويتزوجها كي يحميها
ياتي رياض إلى الاهوار ويخبرأهل مستور بوفاة ابنهم، وعندما يرى زهرة لأول مرة يميل قلبه نحوها، ويحاول ان يجد مكانا له في قلبها، لكن زهرة تمضي في حزنها، ويمضي رياض – ابن مدينة بغداد- في سعيه لاستمالتها، ويظل معها زمنا في الاهوار، فيتعرف على الناس هناك وعلى حياتهم، لكن مع كل هذا لم يتغير قلب زهرة نحوه، إلى أن يضغط احد رجال الاهوار على زهرة لتتزوج به عندها تقبل الزواج من رياض
يقول احد منتقدي الفيلم ان بقاء زهرة وحيدة وعدم قبولها بمن يتقدم لها امر غير مقنع ولا مبرر في الفيلم. وهنا يبرز جهل الناقد العربي بشخصية المرأة العراقية التي تمثلها زهرة . فمن تابع حرب الخليج الاولى سوف يرى آلاف العراقيات اللواتي قُتل ازواجهن في الحرب فبقين ارامل ولم يتزوجن “رغم الضغوط الكبيرة عليهن” كتعبير منهن عن الوفاء لازواجهن او الحرص على اولادهن . وبعضهن تزوجن طلبا “للسترة او منعاً للقيل والقال” كما يقول المثل الشعبي العراقي. والنوعين من النساء انما فعلن ذلك بسبب التقاليد والعادات الاجتماعية. اما المُحبة منهن فهي من تكتفي بذكرى زوجها او بما لديها منه من اولاد. اذن لم يكن غريبا موقف زهرة ورفضها حتى لرياض ولم يكن قبولها به رغبة او تحوّل في مشاعرها بل هو مراعاة للتقاليد ومنعا لالسن الناس من الحديث عنها
وكان المخرج عباس فاضل موفقا في الصمت والهدوء والحزن الذي رافق الفيلم, ذلك لان الحزن هو السمة الغالبة على العراقيين جميعا فما بالك باهل “الجبايش” الذين يحيطهم الماء من كل الجهات. كما ان المخرج اشتغل على حسه العراقي عندما اعتمد التاثير عاطفيا على المتلقي

الحوار المتمدن – العدد: 2810 – 2009 / 10 / 25
المحور: الادب والفن

www.ahewar.org


عباس فاضل: احاول وصل ما انقطع من السينما العراقية
شارك فيلمه ‘فجر العالم’ في مهرجان السينما العربية الفرنسية بعمان مؤخرا

ما زال المخرج العراقي عباس فاضل مرشحا لحصد مزيد من النجاح عن فيلمه الروائي الأول ‘فجر العالم’، الذي حظي بثناء النقاد، وإعجاب المهتمين، كما نال عدة جوائز قيمة من خلال مشاركاته في المهرجانات السينمائية، كانت آخرها جائزة لجنة التحكيم الكبرى في مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف في حزيران (يونيو) 2009، بالإضافة إلى الجائزة الأولى لأفضل فيلم روائي طويل في مهرجان الخليج السينمائي عام 2009، وجائزة الجمهور وجائزة النقاد في مهرجان فيزول الدولي للسينما الآسيوية عام 2009، وجائزة أفضل سيناريو من المركز الوطني الفرنسي، بالإضافة إلى مشاركات في ألمانيا وبلجيكا وتونس وكوريا الجنوبية وغيرها
الفيلم المكتوب بلغة سينمائية مؤثرة، يدور في منطقة الأهوار العراقية عن آلام الإنسان العراقي وعذاباته في زمن الحرب، فالشاب مستور الذي يتم اقتياده للحرب أثناء حرب الخليج الأولى، يقتل وتقتل معه قصة حبه لزهرة التي زف إليها للتو، ليوصي قبل موته صديقه رياض، الجندي القادم من بغداد والذي نجا من الموت في الحرب، بالزواج منها لرعايتها، لكن رياض يقع في حبها فعلا مع تواصل الثقل الكابوسي للخوف والحرب والموت
وعباس فاضل هو مخرج وناقد سينمائي وكاتب سيناريو عراقي، من محافظة بابل، يقيم في فرنسا منذ سن الثامنة عشرة، ويحمل شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون في السينما. أخرج أعمالا تلفزيونية، ثم اتجه إلى السينما، فقدم ثلاثة أفلام قصيرة هي: الاشياء في الظل، يوم الأحد في مقهى الضواحي، عالم المصور ويجي. ثم أنجز فيلمين وثائقيين هما: ‘العودة إلى بابل’ عام 2002، عن آثار الحرب والحصار الذي فرض على العراق ، وفيلم ‘نحن العراقيون’ تأكيدا على الهوية الوطنية عام 2004
في مهرجان السينما العربية الفرنسية الذي يقام سنويا في عمان، كانت لفيلمه مشاركة جديدة، حيث جرى هذا الحوار حول الفيلم، وحول تجربته السينمائية

قمت بإخراج الفيلمين الوثائقيين ‘العودة إلى بابل’ عام 2002، ثم فيلم ‘نحن العراقيون’، وأخيرا فيلمك الروائي الطويل الأول ‘فجر العالم’ عام 2008، وكلها أفلام منشغلة بهاجس الوطن. هل كان حنين المهاجر دافعك لصناعة تلك الأفلام؟ أم ثمة دوافع أخرى؟
الحنين إلى الوطن -وأنا المهاجر عن العراق منذ كنت في الثامنة عشرة من عمري- هو بالتأكيد أحد الدوافع الأساسية لصنع تلك الأفلام، فرغم ابتعادي الطويل عن العراق، إلا أنه لم يبتعد عني يوما، إنني أحمله معي دائما في مهجري الفرنسي، لم أنسه يوما، وعايشت الأحداث التي عصفت به، وكنت شاهدا عليها. فيلمي ‘العودة إلى بابل’، كان عام 2002، حيث ذهبت إلى العراق، ورصدت ما حل به وبالناس من أثر الحرب والحصار في تلك الفترة، كما أن صلتي بالوطن وبأهلي الموجودين فيه لم تنقطع يوما، وأقوم بزيارات دائمة. العراق حاضر في حياتي دائما، وهو همي الأكبر
لكن المسألة لدي لم تكن حنينا مجردا، وهذا ما تناولته في أفلامي، فأنا أعتبر نفسي أحد الناجين من بين كثيرين، أصدقاء كنت أعرفهم، ابتلعتهم الحروب التي عاشها العراق وقضوا فيها. في أفلامي ذهبت إلى أيامي تلك، أتذكرهم وأبحث عنهم، وأميط اللثام عن مصائرهم التي كتبتها الحروب، وأرصد من خلالهم ما خلفت من بؤس على أرواح البشر
أما الدافع الثاني، فهو قناعتي بضرورة الأرشفة لمرحلة من تاريخ العراق، ومحاولة وصل ما انقطع من تاريخ السينما العراقية، ولعلك تعلمين أن أرشيفنا السينمائي قد ضاع في الحرب الأخيرة
وتجربتي ربما تختلف عن كثير من الفنانين العرب المهاجرين خارج أوطانهم، لا سيما في أوروبا. لقد وجهت طاقتي السينمائية واهتمامي نحو وطني، لأنه هويتي وذاكرتي، وهو ما يعنيني إطلاع العالم عليه، ومعالجة قضاياه وأزماته، ورغم الصعوبات والمشاكل التي تعرضت لها مثل كل عربي وعراقي مقيم في أوروبا، إلا أنها لم تشكل لدي هاجسا إبداعيا كما كانت بالنسبة لآخرين من المخرجين العرب، الذين صنعوا أفلامهم لمعالجة قضاياهم الحياتية في المهجر، ولم يلتفتوا لقضايا أوطانهم وبيئاتهم الأصلية. الجذور بالنسبة لي هاجس وهم دائم إنسانيا وإبداعيا

في فيلمك ‘فجر العالم’ اشتغال فني رفيع على اللغة البصرية، خصوصا ما يتعلق بجماليات المكان، لقد شاهدنا لوحات فنية مرسومة بحساسية عالية. أفهم محورية المكان في الرواية مثلا، ولكن في فيلم ثمة عناصر فنية ربما تفوقه أهمية، لماذا كان كل ذلك الاحتفاء ببيئة الفيلم المكانية؟
في هذا الفيلم تحديدا كان المكان هو الشخصية الرئيسية بالنسبة لي، واشتغلت عليه فنيا على هذا الأساس. منطقة الأهوار تاريخيا هي ملتقى نهري دجلة والفرات، حيث تشكلت الدلتا، وكانت في الماضي تسمى ‘جنة عدن’، وهذا رمز يحمل دلالة في الفيلم، فهي منطقة لها حضور تاريخي طويل في العراق. لم يكن اختياري لها عبثيا، ومن تلك البقعة، أردت التسجيل للوطن ضمن الاستمرارية التاريخية الحضارية للمنطقة. وقد عالجت العمل بدلالاته الأسطورية، فالأهوار ترمز لهذا العالم، وشخصية حجي نوح، الذي شكل مرجعية للأهالي، كان إحالة على سفينة نوح، عنوان النجاة من الطوفان القادم، أما شخصيتي الجندي رياض، والفتاة زهرة، فهما رمزان لآدم وحواء. في المشهد الأخير، تختفي كل العناصر، ولا يبقى سواهما، أردت من خلالهما القول أن الحب ينبت ثانية، وبقوته ستعيد البشرية بناء الحياة، من قلب الحرب والدمار والخوف

ألا تجدها رؤية شديدة الطوباوية في ظل واقع يعمه الخراب؟
ولتكن رؤية طوباوية، أين المشكلة؟ ما قيمة الفن والإبداع إن اكتفى بنقل الحياة، وتقديمها كما هي؟ لا بد أن يحمل الفن رؤيته الخاصة به المبشرة بالجمال والخير، والتي تجعل من الأمل إمكانية دائمة لاستمرارية الحياة. لو لم أكن حالما لما كنت فنانا، ولما اتجهت بشكل أساسي لدراسة السينما

في بعض المشاهد، بدا المكان كأنه مكان افتراضي، لا يحيل إلى بيئة محددة أو منطقة بعينها، ما المغزى من ذلك؟
هذا صحيح، لقد تعمدت التجريد في المكان، فالقرية في الفيلم لا يمكن ببنائها وديكورها أن تكون معبرة عن قرية حقيقية، عدد البيوت لم يكن يتجاوز الثلاثة، والشخصيات التي ظهرت كانت قليلة أيضا، وفي نهاية الفيلم، تختفي حتى الحيوانات والطيور، وتبدو الصورة بالغة التجريد، وهذا كله بالنسبة لي لخدمة فكرة العمل. لقد انطلقت من الخصوصية العراقية، لأذهب إلى الأفق الإنساني للفكرة، بحيث يمكنها أن تلامس أي متلقٍّ وفي أي مكان. وفي نفس الوقت، فإنها تمتلك القوة الكافية لعكس مأساة الإنسان العراقي، الذي عاش الحروب لأعوام طويلة، دون أن يتاح له عيش الحياة كغيره من البشر

إذن، فهل تعتبر نفسك فنانا ملتزما بقضية عراقية، أم أن ما قدمته من أفلام ارتبط فقط بلحظة تاريخية يعيشها العراق، بينما تجد ذاتك كمخرج في منطقة أخرى؟
بداية فإنني أعرّف نفسي بأنني عربي عراقي قبل أن أكون فنانا، فعلاقتي بالوطن سابقة على علاقتي بالفن، وهو كما قلت سابقا، همّ أحمله معي دائما، لذلك فإن علاقتي الإبداعية به متواصلة، وإن كانت اللحظة الحالية الأكثر حرجا. ولكن هذا الارتباط بوطني لن يقل في المستقبل بالضرورة، فموقفي الفني لا ينفصل عن موقفي الفكري. ولكني لا أود تحديد هويتي الفنية بالعراق، إنني أشتغل على أفكار وهموم إنسانية، قضية فلسطين مثلا تهمني كعربي، كما تعنيني المجاعات التي يتعرض لها الإنسان في إفريقيا، كل هذه هموم وقضايا ألتزم بها كإنسان وفنان أيضا. لذلك أعمل على منح تجربتي السينمائية بعدا إنسانيا حتى في إطار الموضوع العراقي. من الضروري أن أنجح بإقامة الجسور كإنسان وكفنان مع الآخر

ولكن البعض قد يعتبر موقفك هذا تنصلا من هوية وطنية، لتحقيق انتشار ربما أو شهرة؟
إن من يوجه لي مثل هذا الاتهام لا يدين إلا نفسه. ما الذي يضطرني لخوض الصراعات ومواجهة الصعوبات أكثر من ثلاثة أعوام حتى أتمكن من العثور على تمويل لتحقيق فيلم، علاوة على معاناة صعوبات الإنتاج الأخرى؟ وهل الانتشار حافز كاف يدفعني للتصوير في مناطق وظروف خطرة تهدد حتى حياتي، كالتي واجهناها أثناء تصوير فيلم ‘بابل’؟ كما أنني لا أصنع أفلاما تجارية، يمكن أن تشاهد في دور السينما العادية، وبالتالي تحقق لي الشهرة والانتشار. هذا كلام عار عن الصحة، وبالتأكيد ليس لدي حسابات شخصية
من جانب آخر، من حقي كسينمائي أن أمتلك أسلوبي الخاص، الذي قد يتفق أو يختلف مع آخرين، بل إن ذلك طموح بالنسبة لي، بأن أمتلك بصمتي في كل فيلم أقدمه، والوصول إلى سينما حقيقية، مع معرفتي بأن الجمهور في الوطن العربي يفتقر إلى الثقافة السينمائية، بالإضافة إلى قلة المبدعين ذوي الأسلوب الإخراجي الخاص بهم، والساعين نحو سينما حقيقية خالصة. ولهذا كانت فرحتي غامرة عندما نلت جائزة المؤلف في مهرجان الرباط السينمائي، لأنها مثلت اعترافا بقدرتي على امتلاك أدواتي الفنية المتفردة. وأرى أنه على كل مبدع أن يمتلك أسلوبا يشير إليه فور مشاهدة أعماله

تنوعت جنسيات الممثلين في فيلمك، مصرية، لبنانية، فلسطينية، تونسية، لماذا لم تستعن بممثلين عراقيين؟
رغبتي الأولى والحقيقية كانت العمل مع ممثلين عراقيين، كنت أفضل ذلك، ولكن صعوبة الظروف الإنتاجية وقفت عائقا، فقد كان من شروط التمويل الأوروبي، مشاركة ثلاثة ممثلين على الأقل من حملة الجنسيات الأوروبية في الفيلم، ولم أعثر على ممثلين عراقيين يحملون تلك الجنسيات، بالإضافة إلى تعقيدات إنتاجية أخرى، فكان الحل باللجوء لممثلين عرب

هل تتفق معي بانتماء أسلوبك الإخراجي في هذا الفيلم لما يعرف بتيار السينما الشاعرية؟ كيف قمت بتوليف عناصر الفيلم لتحقيق ذلك الأسلوب؟
نعم أتفق معك إلى حد كبير، فثيمة العمل القائمة على الأحاسيس الإنسانية قادتني لذلك وفق رؤيتي الفنية. كانت العناصر مكتملة في مخيلتي، فالقرية قمت برسمها بشكل الهلال، مع دراسة وافية لزوايا شروق الشمس وغروبها، بما يخدم مشهدية المكان التي رغبت بإبرازها، وذلك كله قبل تنفيذ الديكور في منطقة بورسعيد المصرية، وكان لا بد من تكامل بقية العناصر لتكون في نفس السياق الشاعري مثل الموسيقى وأداء الممثلين والتقطيع وغير ذلك

نال الفيلم جائزة أحسن سيناريو، وأنت بالطبع كاتبه. جاء الحوار على قلته، مشحونا بلغة شعرية عالية، من أين أتيت بتلك اللغة؟ هل خلف المخرج يختبئ شاعر مثلا؟
لست شاعرا بالتأكيد، ولكنها ربما روح شاعرية أمتلكها، وأردت توظيفها في أسلوبي، خصوصا وأن العمل يتحرك في إطار المشاعر الإنسانية، وبما أن الفيلم يقوم على الصورة الشاعرية، والحوار جزء من هذه الصورة، فكان لا يمكن كسر هذا المناخ وهذه الصورة، بحوار صارخ مباشر مثلا، أو مفردات قاسية. إذن فهو التكامل الذي كان ضروريا لتحقيق الأسلوب السينمائي، وإنجاح الفيلم

اتسم أداء الممثلين بالتعبيرية، واستغلال لغة الجسد إلى حد كبير، ما هو مفهومك للصورة للوصول إلى لغة سينمائية عالية؟
السينما تتأسس على لغة الصورة، واعتماد الأداء على كثرة الحوار المنطوق دلالة عجز من قبل المخرج عن امتلاك أدواته الفنية، أو كسل على أقل تقدير. لا أستطيع الاستمرار بمشاهدة فيلم لا يقدم لي سينما حقيقية، وهذا ليس ذوقا شخصيا، وإنما فهما علميا للسينما، فحيث عشت بفرنسا، وهي رائدة فن السينما في العالم، تمكنت من صقل موهبتي بمشاهدة المئات من أفلام السينما الخالصة، وبالتالي لم يكن صعبا بالنسبة لي أن أسيطر على أدواتي في فن أعشقه منذ طفولتي. وبالمناسبة، فقد بدأت السينما صامتة، باعتبارها فن الصورة، ثم أضيف الحوار لاحقا لإكمال الصورة، وليس للاستعاضة عنها

كانت أحداث الفيلم مختزلة ومكثفة. لم تذهب في الفيلم إلى تفاصيل الأحداث، كانت هناك إيحاءات تحيل إلى الحدث، لماذا؟ هل تقصدت التركيز في مستوى معين من الفكرة؟
بالتأكيد تقصدت ذلك، فأنا من المؤمنين بضرورة إشراك المشاهد وتحقيق تفاعله مع الصورة السينمائية، لا بد أن أستفز ذهن المشاهد ومخيلته ليكمل معي الكلمات المختبئة خلف السطور، وأنا هنا لا أتحدث فقط عن المشاهد العراقي أو العربي، وإنما المشاهد الغربي أيضا، الذي سيفهم ويشعر بما أردت قوله، لأنني أختزل ولكني لا ألغي الوقائع الأساسية التي بني عليها الفيلم، وهي رؤيتي الفنية بشكل عام ولا تقتصر على هذا الفيلم
كما أنني لا أريد فيلما يؤدي دور الوثيقة التاريخية، ثمة فرق بين العمل الفني السينمائي الخالص والعمل التوثيقي، أريد أفلاما تبقى ويمكن مشاهدتها حتى بعد تجاوز العراق لمرحلة الحرب وآلامها. أريد فيلما إنسانيا وسينمائيا بالدرجة الأولى. أعلم طبعا أننا هنا في العالم العربي لم نصل بعد إلى ثقافة سينمائية حقيقية، فالمشاهد يطالب بتفسيرات وإيضاحات، وقد لمست هذا بالنسبة لبعض المشاهدين العراقيين تحديدا، الذين ربما توقعوا مشاهدة تسجيل لمرحلة، لكنهم سيتفهمون اسلوبي لاحقا

في فرنسا، وأنت مقيم فيها منذ سنوات طويلة، هل تعتبر نفسك مهاجرا، أم منفيا؟ ماذا أعطتك تجربتك في فرنسا شخصيا وفنيا؟
إنني من جيل نشأ على حب الثقافة والمعرفة، وعندما غادرت إلى فرنسا، كان التحصيل العلمي والمعرفة دافعي، وأحد الأسباب كان رغبتي بداية بتعلم اللغة الفرنسية، عشت هناك وعانيت مشاكل المهاجرين العرب الآخرين في أوروبا، كما استمتعت وتعلمت الكثير من ثقافة ذلك البلد في بناء شخصيتي الإنسانية والفنية. ولا أعتبر نفسي منفيا، فخروجي لم يكن قسريا، ولا يحمل أبعادا سياسية، وإنما أقيم في بلد تعلمت وأعمل فيه، وفي نفس الوقت أحمل مسؤوليتي الوطنية ومشروعي الثقافي الذي يمكنني من خلاله خدمة بلدي العراق والإنسان العراقي. وبعد المهرجان سأغادر عمان إلى العراق، لزيارة الأهل، حاملا في نفس الوقت فكرة فيلم وثائقي، متمنيا أن تتيح لنا الظروف هناك تنفيذه

في مشهد بين الجندي رياض صديق مستور وزهرة، جرى حوار عذب وجميل، يعكس موقفا تقدميا تجاه المرأة، ورفضا لظلمها من قبل المجتمع. كيف ترى علاقتك مع المرأة؟ وماذا يمكن أن تقدم لها على صعيد أعمالك السينمائية أيضا؟
لن أكرر كليشيهات مستهلكة حول أهمية المرأة في الحياة، ببساطة نشأت محاطا بنساء، أمي وثلاث أخوات أعتز بهن، ولن أضيف الكثير إذا قلت أن وجود المرأة مهم جدا في حياتي، وفي حياة المجتمع أيضا، كما أنها المؤشر على ارتقائه أو انحطاطه. وقد راعني تراجع وضع المرأة العراقية الحالي، وعودة الحجاب بقسوة، وانكفاؤهن على منجزاتهن المبكرة نسبيا. وهو تراجع أصاب المرأة العربية ايضا
النساء كن دائما من دفعن ثمن الحروب في العراق، كما هو الحال دائما في كل مكان، حيث تكون النساء أول المتضررين من الحرب وآثارها. ومأساة العراقيات على خطورتها، إلا أنها للأسف مغيبة ولا تحظى بالاهتمام حتى الآن. إنني من أشد الرافضين لهذا الوضع البائس للمرأة العربية، الذي يكاد يقضي على إمكانياتها الإنسانية في العراق، وفي العالم العربي. وأعتبر أن مسؤوليتي تاريخية تجاه المرأة ثقافيا وسينمائيا. فمثلا خلال بحثنا لتنفيذ الفيلم، كان من أحد أسباب رفضي للتصوير في الجانب الإيراني من الأهوار، هو اشتراطهم ظهور الممثلات محجبات
إنني فنان، وواجب الفن والسينما تحديدا التبشير بالتغيير لا تكريس الواقع، وعلينا كفنانين العمل على تفعيل رؤانا الفكرية والفنية في تناولنا لما يمس المرأة بما يطور واقعها، لا بما يتواطأ مع الاختلالات الحاصلة حاليا. حتى اختياري للممثلات في أعمالي، فإنه يقوم على سمات وخصائص تعزز صورة المرأة القوية المجابهة لظروفها، والرافضة للخضوع
كما أسعى لتقديم نماذج مضيئة من النساء، فلدي حاليا مشروع سينمائي حول مناضلة جزائرية اسمها جميلة بوباشا، من زمن الاستعمار الفرنسي، امرأة قوية مؤمنة بعدالة قضيتها، تعرضت للاعتقال والتعذيب فترات طويلة، وقدمت التضحيات في سبيل قضيتها الوطنية. مثل هذا النموذج من النساء الوطني والإنساني هو ما يثير إعجابي وما يهمني فعلا

في الفيلم مشهد للجندي رياض بعد مقتل صديقه مستور في حرب الخليج الأولى، يسير في الصحراء، بين جثث الجنود القتلى، في رمزية للتيه واليأس وعبثية تلك الحرب، ثم يخرج جندي أمريكي يسير باتجاهه بنفس ملامح التيه، ليقع ويموت. هل كنت تسجل في ذلك المشهد موقفا يدين الحروب؟ وهل ينسحب موقفك هذا على حروب التحرير مثلا؟
مبدئيا فإنني أرفض الحروب وأدينها، وأعتبرها عبثا مدمرا، إنها ضد الإنسان وضد استمرارية الحياة، لأنها تسلب الإنسان حياة منحت له ليحياها، ولا تخلف سوى الدمار واليأس والأرواح المشوهة، والمآسي على اختلافها. هذا هو موقفي الوجودي من الحروب، والذي سجلته في الفيلم، ولكن النضال بالتأكيد مسألة أخرى. يقول سميح القاسم: أكره كل حرب إلا حروب التحرير

لا يمكن اعتبار الحركة السينمائية العراقية طارئة، فقد بدأت إرهاصاتها في الأربعينات، على أنها لم تسجل حضورا كبيرا في المشهد السينمائي العربي، هل تعتبر نفسك ومجايليك مؤسسين للسينما العراقية، أم متابعين للتجارب السابقة؟
نعم لقد كانت هناك بدايات منذ الأربعينات، لكن لم تكن هناك يوما صناعة سينمائية عراقية، وإنما كانت هناك أفلام متفرقة ومتباعدة زمنيا، متفاوتة المستوى فنيا، وأول تلك الأفلام وأهمها تجربة الفنان سعيد الأفندي
قطعا لا أعد نفسي من المؤسسين ، ولكن الأفلام التي نصنعها هي محاولات جادة ومخلصة للعمل، من قبلي ومن قبل فنانين آخرين مثل المخرجين محمد الدراجي، قاسم حول، وعدي رشيد، وآخرين ربما لم أتمكن من الاطلاع على تجاربهم، ونرجو أن تكون تجاربنا مشجعة لتبني صناعة السينما في العراق مستقبلا، حيث أنها صناعة تتطلب إمكانيات ضخمة وتمويلا لا بد من مساهمة مؤسسات عديدة فيها
وأعتقد أن الوضع المأساوي في العراق بكل ما فيه من فوضى وعبثية، يعتبر مصدرا غنيا حاليا للفنانين وخصوصا المخرجين للتعامل معه سينمائيا، بما يمكننا من خلق صناعة سينما عراقية تليق بالعراق الذي نطمح لبنائه في المستقبل

شاركت بفيلمك في العديد من المهرجانات وما زال مرشحا لمهرجانات أخرى، كما نلت عدة جوائز عنه في تلك المهرجانات. ما أهمية تلك المهرجانات بالنسبة لك؟ وما دورها في تطوير الحركة السينمائية العربية؟
لهذه المهرجانات أهمية بالغة، وإن كانت تتم في شبه غياب للإنتاج السينمائي، خصوصا في منطقة الخليج، ولكن من خلالها يتمكن المخرجون أمثالي من عرض أفلامهم التي لا يمكن مشاهدتها في مكان آخر، لأنها ليست أفلاما تجارية. كما يشاهد الفيلم من قبل جمهور واسع، بفضل المهرجانات، لقد عرض فيلمي في كوريا الجنوبية، ذلك ما كان ليحدث لولا المهرجانات السينمائية. كما أن المهرجانات تشكل حافزا للتجارب السينمائية، فمثلا إقامة مهرجان الخليج الأول، شجعت العديد من الشبان على صناعة أفلام للمشاركة في السنة التالية، بالإضافة إلى التفاعل بين السينمائيين والاطلاع على التجارب الأخرى الأكثر تقدما مما يساهم في زيادة الخبرات ورفع مستوى ما يقدم من أعمال سينمائية

رحاب أبو هوشر
القدس العربي2009/08/01


العدسات مفتوحة على العراق

a-l-aube-du-monde-2009-18640-1183362133
مشهد من الفيلم العراقي: فجر العالم

من بين خمسة أفلام روائية طويلة، مشاركة في المسابقة الرسمية لهذه الفئة في مهرجان الخليجالسينمائي، يأتي فيلم المخرج العراقي عباس فاضل «فجر العالم» دعوة للبحث عنه، أي هذا الفجر، الذي سيكون رابضاً في ما خلف الفيلم، مادامت الغلبة فيه لظلمة العالم لولا الحب المصاب بدوره بحلكته، وربما البحث عّما سيأتي بعد كل الذي نشهده من وقائع لها أن تكون مأساوية بامتياز
يبني فاضل في أول أفلامه الروائية على ثالوث متمثل بالحب والحرب والفقر، بحيث تتجاور وتتناوب في سرد قصة لها أن تجد فيها ما يدفعها لأن تواصل حتى النهاية في انتصار للحب بشكل أو آخر، والذي سيكون أيضاً متقشفاً متأثراً بكل ما حوله من أسى وبؤس
إنه العراق، والأهوار تحديداً، إنه مستور الذي سيقاد إلى حرب الخليج الأولى بعيداً عن زهرة ولم يقطف ثمارها بعد، ولعل مقتل مستور سيمنح لرياض رفيقه في الحرب مساحة لأن يمضي إلى زهرة محمّلاً بوصيته بأن يتزوجها، الأمر الذي يتحول إلى حب يسكن رياض، وعلى شيء من الالتصاق بعالم زهرة، وفي استعداد منه لأن يهجر بغداد ويعيش في قريتها التي يحيط بها البؤس من كل جانب
يتبع ذلك إبادة جماعية يتعرض لها سكان تلك القرية، دون أن يبقى منهم سوى زهرة (حفصية حرزي) وأم مستور(هيام عباس) وفتى صغير ورياض (كريم صالح) والضفادع والمطر وصورة صدام حسين وبالتأكيد الحب
فيلم عباس فاضل متسق ومتناغم مع عوالمه، وعلى عناية خاصة باللقطة التي تستثمر موقع التصوير المبني على ما يحاكي الأهوار ربما! ولعل عناصر المكان تتخطى فعل الحب الغائب، بحيث القسوة تطغى وتأتي اللقطات محملة بجماليات تلك القسوة، وفي بيت حجي ما يحيلنا إلى ذلك، في المطر الذي يأتي بعد المجزرة كما صار عرفاً، في الضفادع التي تتقافز هنا وهناك وغيرهما من لقطات

زياد عبدالله – دبي التاريخ: الإثنين, أبريل 13,2009


 


Leave a comment